- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (026) سورة الشعراء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، في الدرس الماضي بيَّنْتُ لكم أنَّ أحَدَ أكبر أسباب الآلام النَّفْسِيَّة هو الشِّرْك بالله لِقَول الله تعالى:
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)﴾
وأعظم الأعمال الصالِحَة أنْ تعْكِفَ على ترْبِيَة أولادِكَ ومَن حوْلَكَ لأنَّك هم أوْلى الناس بِتَرْبِيَتِك وعِنايَتِك، وهم ذُخْركَ يوم القيامة، وأفْضل كَسْب الرَّجُل ولَدُهُ على الإطلاق
قال تعالى:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
أوَّلاً: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ))
والعُبودِيَّة لله تعالى تتناقض مع الكِبْر، إنَّ ذَرَّةً من كِبر تسْتَوْجِبُ النار، والحديث الشريف: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ))
والمُتَكَبِّر جاهِل، والإنسان يتكبَّر بِغَير الحق، لأنَّه إن قال: أنا، فهل يضْمَنُ أن يبْقى بعد ساعَةٍ حيًّا ؟ هل يضْمَنُ أن يبْقى عقْلُهُ في رأسِهِ خصرة صغيرة في الدِّماغ تُلْغي عَقْل الإنسان وذاكِرَتَهُ، وبعض حواسِّه وحركتَهُ، وكلّ مُنْجَزاتِك في الحياة مَبْنِيَّة على سُيولَة الدَّم، فلو تجمَّد الدَّم في الإنسان انتهى، لذا إن قال هذا الإنسانُ: أنا ! فَهُوَ جاهِل ووُجود الإنسان مُتَوَقِّف على إمْداد الله له، فالتَّواضُع عِلْم، والتَّكبّر جَهْل، والتَّواضع منْطِقي ومَوْضوعي وواقِعي ويعرف حجْمهُ الحقيقي والله تعالى معه، لذلك قال تعالى:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
قد يسأل سائِل: هل يُعْقَل أن يتكبَّر النبي عليه الصلاة والسلام ؟ لا فما معنى أن يأْمُرَهُ أن يخْفض جناحَهُ ؟ هذا الأمْر في الظاهِر للنبي ولكنَّهُ في الحقيقة للمؤمنين، وربُّنا عز وجل يُعَلِّمُ المؤمنين من خلال أوامِره للنبي عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:
﴿باأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(1)﴾
فهل يُعْقَل أن لا يتِّقي النبي صلى الله عليه وسلَّم الله تعالى ؟ هذا الأمْر مُوَجَّهٌ للمؤمنين، وفي رأي آخر، أنَّك إذا أمَرْتَ إنسانًا أن يسْتقيم، ولم يكن كذلك فالأمْر بِالاسْتِقامة واضِح، أما إن أمَرْتَ إنسانًا بالاسْتِقامة وهو مُسْتقيم فالمعنى أن تبقى على الاسْتِقامة، وهناك معنى آخر، وهو اِرْفَع جُهودَك في الاسْتِقامَة قال تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(136)﴾
يا رب تُخاطِبُنا بأنَّا مؤمنون فَكَيْف نُؤْمِنُ بك ؟ المعنى يا أيها الذين آمنوا ارْفعوا مُسْتوى إيمانكم، فإذا كان الإنسان غير مؤمن عليه أن يؤْمِن، وإذا كان مؤمِنًا فلْيَسْتَمِرّ على إيمانِهِ ويبْحث على مُستوى أرْقى إما أن تفْعَلَهُ ابْتِداءً، وإما أن تسْتَمِرَّ عليه، وإما أن ترفع مُستواه وهناك معنى رابِع في قوله: يا أيها النبي اتَّق الله، أي يا أتْباع النبي اتَّقوا الله قال تعالى:
﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا(1)﴾
النبي عليه الصلاة والسلام ما طلَّق إلا امرأةً واحِدَة يوم الزَّفاف، قيل لها إذا دَخَل النبي عليك قولي له: أعوذ بالله منك ! فلمَّا دخل عليها قالتْ له: أعوذ بالله منك، فقال: الْحَقي بأهْلِك، لماذا ؟ لأنَّ زوْجَةَ النبي عليه الصلاة والسلام ينبغي أن تنقل عنه الأحاديث، وحينما قبِلَتْ أن تنقله كلامًا دون أن تُفَكِّر فيه، فهذا يعني تَفْكيرُها مَحدود جدًا، إذًا هذه الزَّوْجة خطرٌ على الدَّعْوَة، رسول مَعصوم، ونبيٌّ عظيم قالت له هذا، فالآية هذه مُوَجَّه لعامَّة المُسلمين.
وهنا قوله تعالى:
﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
هناك آيةٌ أُخْرى تُكَمِّل هذه الآية:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
لا يوجد لمَن اتَّبعك ! ولو جَمَعْنا الآيتين لوَجَدْنا أنَّ كُلّ إنسان يُعَمِّق انْتِماءَهُ لِجَماعَة ويُعادي بَقِيَّة الجماعات، فهذا إنسان بعيد عن روح القرآن الكريم، لأنّ الله تعالى أمَرَ النبي مرَّة أن يخْفض جناحهُ لِمَن اتَّبَعَهُ، وأمَرَهُ مرَّةً أن يخْفض جناحَهُ للمؤمنين، فلو أنَّك مثلاً أنت من مسْجد كذا ووجَدْتَ إنسانًا آخر من مسْجِدِ كذا، فهل هذا الذي الْتَقَيْتَ به ليس مؤمنًا ! هذه النَّظْرَة الضَّيِّقَة، تعميق الانْتِماء لِجَماعة مُعَيَّنَة ومُعادات بقِيَّة الجماعات، وأن تعْتَقِد أنَّ الله وحْده، هذا تفْكير يهودي قال تعالى:
﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111)﴾
فالإنسان كُلَّما كان أُفُقُهُ ضيِّقا يُضَيِّق رحْمة الله عز وجل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال:َ
((: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ))
رحْمة الله واسِعَة، لذلك الانْتِماء إلى جماعة ومُعادات بَقِيَّة الجماعات هذا مُعاداة للدِّين.
أيُّ مؤمن هو أخٌ لك مهما كانت جماعَتُهُ، والمبادئ واحِدَة والكتاب واحِد، إنَّما الاخْتِلاف في الأسلوب، إلا إذا كان في العقيدة زَيْغ فهذا موضوع ثاني، والأمر كما قال الشافعي، نتعاوَنُ فيما اتَّفَقْنا ويعْذُر بعضُنا بعْضًا فيما اخْتَلَفْنا، وقال الإمام الشافعي: أنا على حق ويُحْتَمَلُ أن أكون على باطِل، والطَّرف الآخر على باطِل، ويُحْتَمَلُ أن يكون على حق ! اِجْعل عقْلك مفْتوحًا، والله تعالى علَّمنا كيف نُناقِش الآخرين، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(24)﴾
فإذا ناقَشْتَ أحدًا لا تجْعَل نفْسَك أعلى منه، وأنَّك أعلمَ منه، فالنبي لم يقل أنا على الحق إنما قال:
﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(24)﴾
وهذا أُسلوب تَرْبَوي في المناقشَة، فإذا حاوَرْتَ إنسانًا اجْعَل نفْسَكَ معه سواءً بِسَواء، ولا تسْتعلي، وأنَّك المُصيب وهو المخطئ، وهناك آية أبْلَغ وهي قوله تعالى:
﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ(25)﴾
فهل النبي مُجْرِم ؟ أي إذا اعْتَقَدْتُم أنَّنا مُجْرمون، فَنَحن لسْنَا مُجْرِمين ولن تُحاسَبوا عنَّا ؛ أرأيْتَ أدَب المناقشَة وأدب الحِوار، لذا هذه الآية دقيقة جدًا ؛ قال تعالى:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
والثانِيَة:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ(88)﴾
والمؤمنون اليوم في أمَسِّ الحاجة إلى الوِحدة، والتَّعاوُن، والتَّكاثف والتَّناصح، وإلْغاء الخلافات، والداعِيَة بإمْكانِهِ أن يدْعُوَ إلى الله تعالى خمسين عامًا في المُتَّفَقِ عليه، وإذا دعا إلى الله في المُتَّفَق عليه وحَّدَ الأُمَّة، وجعلها قَوِيَّة مُتماسِكَة، أما إظْهار الخلافات وإبْرازها وجعلها شِعارًا، وقاتَلَ مِن أجْلِها تتمزَّق وحْدة الأُمَّة.
مِحْوَر الدَّرس اليوم ؛ قال تعالى:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
والثانِيَة:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ(88)﴾
معنى ذلك الانْتِماء لكلّ المؤمنين، وأقْوى آية بِهذا المعنى قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(10)﴾
فلا بد أن تشْعر بانْتِمائِكَ إلى مَجْموع المؤمنين، ونحن بِأمَسِّ الحاجة إلى التَّعاوُن، وإسْقاط الخِلافِيَّات، التي تُمَزِّق شَمْلنا، وتُضْعِفُ قُوَّتَنا قال تعالى:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(46)﴾
والحلّ هو كتاب الله الكريم، وسُنَّة نبيِّه الصحيحة، وأفعال الصحابة المُتَّفق عليها؛ الذين شهِدَ الله لهم بالصلاح، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا(18)﴾
إذًا بإمْكاننا أن ندعوا إلى الله سنوات كثيرة دون إثارة مواضِع الخِلاف وكلّ مَن كبَّر الخِلافات وجعلها مِحْوَر درْسِهِ فهذا إنسانٌ وداعِيَةٌ بعيد عن الإخلاص، لِقَول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(159)﴾
يَجُرُّ خِلافًا وقع منذ ألف سنة يجعلُهُ موْضِع الجدَل، فالماضي مضى قال تعالى:
﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(141)﴾
ليس لنا علاقة بِخِلاف الصحابة إطْلاقًا، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:
((إذا ذكر أصحابي فأمْسِكوا.))
وأنا لسْتُ بِمُسْتواهم، ولسْنا بِمُسْتوى تَقييم الصَّحابة، وإذا امْتَنَعْنا عن إبْراز نقاط الخلاف واْسْتِحضارَه وأعْلَنَّا انتماءنا لِمَجْموع المؤمنين اتَّحَدْنا واجْتَمَعنا ونحن بأمَسِّ الحاجة لهذا الاجْتِماع، فإذا الإنسان عليه أنْ يُكْبِرَ أخاه، لا أن تُفْسِدَ عليه شَيْخَهُ، ولكن عليك بهِدايَة مَن لا شيْخَ له ولا مسْجِدَ ودَعْكَ مِمَّن كان له مسْجِدٌ أن تُبْعِدَهُ منه ! فهذه الأمور تجْمعُ شمْلنا، قال تعالى:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(46)﴾
وقال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(159)﴾
والأمر كما قلنا في أوَّل الدَّرس إما أن تفْعَلَهُ ابْتِداءً أو أن تسْتَمِرَّ عليه أو أن ترفع مستواه.
قال تعالى:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ﴾
ما أنت عليهم بِوَكيل، وما أنت عليهم بِجَبَّار، وليس عليك هُداهُم وما أنت عليهم بِحَفيظ، قال تعالى:
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(56)﴾
فلسْتُ قاضيا، إنَّما أنت داعِيَة قال تعالى:
﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا(11)﴾
نحن لسْنَا مُكَلَّفين بإكْراه الناس إنَّما عليك الدَّعْوة والتَّبْليغ، وعلى الله تعالى الباقي، قال تعالى:
﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216)﴾
إذا لم يسْتَجِب فقُل: اللَّهمّ هذا مُنْكر أعوذ منه، والله تعالى هو الذي يُعالِجُهُ.